احصائيات

عدد إدراجاتك: 9

عدد المشاهدات: 1,622

عدد التعليقات المنشورة: 0

عدد التعليقات غير المنشورة: 0

دفتري.كوم
تصفح صور دفتري تصفح اقتباسات دفتري تسجيل / دخول






Articles

ثورات الربيع العربي الى أين



ثورات الربيع العربي الى أين

الدكتور  داوود الزبيدي

دول الربيع العربي تواجه مشكلات وإحباطات متزايدة تجعل التحسر على الأيام السابقة حقيقة لا ينكرها أحد فهناك من يذكر هذا الأمر من واقع الحسرة إزاء الانتكاسات كما حدث فى تونس وتعثر العملية الديموقراطية المنشودة واصابة الطبقة الفقيرة بالاحباط  وهناك من منطلق الشماتة في من فرحوا بتغييرات هذا الربيع ومن الانقسام الشعبى بين اصولى وغير اصولى فى مصر والازمة حول صياغة واقرار الدستورالجديد وانهيار الوضع الاقتصادى وعدم قدرة الحكومة على ادارة شؤون البلاد ولا نرى فى الافق تحسن جدي لتولى مصر القيادة وفتح الابواب المغلقة مع غزه ودعم السياحة باعتبارها ام العالم للحضارة هى ووادى الرافدين ونرى الرئيس مرسي يطأطأ رأسه لأسرائيل ولا نرى منه بادرة قوية لفتح الحدود مع غزه ويتسائل كل من له ضمير ألم يكن قطاع غزه تحت حكم والى مصرى حتى 5 حزيران- يونيو  1967لماذا اذا تبقى هذه الحدود مغلقة  وتحت اى مبرر كنا نتطلع الى رئيس مصري لكل مصر يعتنى بها وبأقتصادها الضعيف والتخلص من اقواله القديمة لأن اصدقائه الأمريكيون سوف يعزلوه هذه الإحباطات ناجمة عن التوقعات الكبيرة التي علقها الناس على الثورات وآمالهم في تغيير أوضاعهم وأحوالهم  وفي زوال كل إرث الماضي وصدم الكثيرون من تسلق الإسلاميين للثورات ووصولهم إلى الحكم ومواقع النفوذ واعتبروا أن الثورات إما أجهضت أو سرقت

لاشك أن الربيع العربي كان نتاج أوضاع  متردية أفرزتها تراكمات حكم الاستبداد والفساد كما فى ليبيا التى كان يقودها نظام مصاب  بالجنون  والنرجسية  أدت إلى إحباط عميق بين جيل الشباب الذي لم يعد يرى حاضرا أو مستقبلا أمامه  وبعد انهيار النظام لا نرى ديمقراطية بل اقتتال وانقسام وانهيار ونهب الثروات فى الداخل والخارج وكما فى اليمن لا ديموقراطية ولا حكم جديد يسير نحو الحرية والاستقلال والديموقراطية والعراق الذى لا يزال ينزف دما وخسر جيشه وقطعت اوصاله  وقتل وشرد علمائه وأطبائه فى العالم

الربيع العربي لم يكن بلا مقدمات ففي مصر ظلت الأمور تتفاعل على مدى سنوات  من مظاهرات وإضرابات  و حركات احتجاجية معبرة عن غضب من تردي الأوضاع سياسيا واقتصاديا وضيق متزايد من ترهل النظام والفساد المستشري  واذا كان هدف الثورة فى سوريه هو حكم مشابه لهذه الأقطار فلا شك ان المستقبل سيكون قاتم ومظلم ، ومن مهازل هذا العصر كثرة من يريدون دخول السياسة وقيادة الشعوب ونرى السيد معاذ الخطيب لم يستشر غريمه جورج صبرا عندما طلب من الاتحاد الروسي الأعتذار للشعب السورى الذى سيقول له ان الاتحاد الروسي شأنه شأن الحبر الأعظم لا يقدم اعتذار لأحد

على السوريين وهذا منطق التاريخ التعايش سويا بتوافق بين اطيافهم او العيش منفصلين وهذا أمر مؤلم وقاتل لأهداف الأمة العربية بالوحدة واسترجاع ارض فلسطين واقامة دولتها وعودة اهلها المشردين فى بقاع العالم الحل بالقوة العسكرية لا يوصل الى شئ يرضي الجميع فمعارض اليوم يصبح غدا ولى الأمر ليس بطريقة ديموقراطية بل بالقتل والذبح والتشريد والثأر ياسوريون اتقوا الله يجد لكم مخرجا كنا نعقل عليكم ولازلنا كما قالها يوما خالد الذكر

جمال عبد الناصر بأنكم قلب العروبة النابض أن تجدوا حلا لهذا القتل والذبح والتشريد كأنكم وحوش كاسرة نحن هذا الجيل الذى عاش مأساة طرد الفلسطينيين من وطنهم وتحرر شمال افريقيا والخليج العربي من الأستعمار نستغرب ونستهجن قوى تروم الحرية والديموقراطية بمساعدة مستعمر البارحة وحماة اسرائيل ونناشدكم  التعقل والتفاهم والاتفاق وحقن الدماء والحفاظ على وحدة  أرض الوطن

أن الثورة في تونس ثم في مصر ألهبت وشجعت على انفجار المظاهرات المطالبة بالتغيير وبالحريات  لكن الثورات لم تكن لتنتقل وتشتعل لولا وجود عوامل داخلية أدت إلى اشتعالها لذلك رأينا بعض الدول تنضم للربيع العربي في سرعة شديدة  بينما دول أخرى لم تتأثر به وكثيرون أخطأوا عندما اعتبروا أن الثورات ستنتقل تلقائيا من دولة إلى أخرى  وأن التغييرات ستعم المنطقة كلها  ولن يسلم منها أي نظام لأنهم اعتقدوا بإمكانية التقليد لظاهرة معقدة تتداخل فيها عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية تختلف بالضرورة من بلد إلى آخر، حتى ولو كانت هناك بعض الاعتبارات والقواسم المشتركة  فالثورات لم تحدث فقط بسبب العامل السياسي، بل لعبت العوامل الاقتصادية والاجتماعية دورا كبيرا فيها  خصوصا بين جيل الشباب المحبط الذي شعربفقدان الأمل في حياة يتمتع فيها بالحقوق والأمل في وظيفة وسكن

كما أسهمت أيضا وسائل التواصل الجديدة لأنها أسقطت القيود الأمنية وكسرت أبواب سجن الكلمة لتفتح الفضاء أمام المعلومات وتتيح إمكانية الحشد والتحفيز بين شباب اصبح يعتمد على الإعلام الجديد كمصدر للمعلومات والأخبار والتواصل وربما الثورات العربية فاجأت الكثيرين لأن القناعة التي كانت سائدة هي أن الإنسان العربي فقد الإرادة والقدرة على التغيير والعديد من الأنظمة التي غرقت في الفساد والاستبداد اكتفت بالقناعة بأن قبضة أجهزتها الأمنية قادرة على منع أي تحرك للإطاحة بها لهذا بدا تأثير المفاجأة واضحا على نظامي بن علي ومبارك اللذين اضطربت ردود فعلهما لأنهما لم  يصدقا ما يحدث  ولم يقدرا حجم الغضب  تحت السطح  ولم يتوقعا السقوط السريع وما إن زال عنصر المباغتة واستوعبت الأنظمة الأخرى حجم ما يحدث أمامها  حتى بدأت قمعا أشد وغرق في  الدم ووقتا أطول مثلما حدث  في ليبيا ثم في اليمن والآن في سوريا

الربيع العربي كان زلزالا هز المنطقة وما يزال، ومحاولة فهمه وتحليل أسبابه ونتائجه لا يمكن أن تتجاهل كل العوامل والتراكمات الداخلية وفاجأت المناخات العربية التى مارست القطيعة مع الديمقراطية وأصبحنا نعلم أن من  ادعوا انهم  فاعلين في التحول الديمقراطي ليسوا هم من فعلوا هذا التحول وينظر إلى الاحتجاجات التي اجتاحت بعض الدول العربية بنوع من المفاجأة لكن هذه النظرة ليست صحيحة فالاحتجاجات جاءت نتيجة تفاعل متغيرات عدة منها الوعي في إدراك الحرية لإحداث التغيير ونمو طبقة  تعيش انعدام عدالة توزيع الدخل واستشراء البطالة  وتخلف الاقتصاد  وإطلاعها على ما يجري في بلدانهم وفي العالم بدون حدود وقيود لقد بدأت الاحتجاجات في تونس رد عفوي على واقع عفن ومن اللافت أن المطالب كانت في بدايتها متواضعة حيث لم تتجاوز المطالبة بالمزيد من الحريات ومحاربة الفساد، لكن ما لبث أن ارتفع في مواجهة القمع الشديد وهذا يعني أن الحراك الجماهيري بدأ متواضعا فى أهدافه لكنه  أنضج وعيا من داخل الحراك تمثل في الالتفاف حول هدف إسقاط النظام  ولم يتم تحديد  الهدف  فالكل يريد إسقاط النظام  بدون أن يكون هناك تحديد للنظام  هل هو شخص بن علي  أم هو مجموعة المصالح التي يمثلها وكان لهذا تأثير كبير  ولم يأتِ الحراك  التونسي كفعل  ناتج من تحديد  للغايات يمكن أن يجعل منها مرجعية للحكم عند  بل جاء استجابة لحادث عرضي غذته عوامل ووجود لحظة تاريخية وانتقل الاحتجاج من تونس إلى مصر مطابقا لما حدث في تونس من حيث سعي المتظاهرين إلى استهداف استبداد النظام طلبا لإسقاطه وعدم التحديد  للغايات مما جعل  الاحتجاج في الحالتين ردة فعل عفوية  ولم  تكن نتيجة تخطيط مسبق أن مستوى العفوية في الحراك التونسي المصري يظهر أن ما جرى هو  فرصة سياسية مما يؤكد أن ما حدث فيهما  لم يصل إلى استبداله بواقع مغاير بل بقيت هناك جيوب وأركان من النظام السابق عكس  ليبيا خلافا لتونس ومصر اللتين راكمت الجماهير فيهما تجربة كبيرة من العمل النقابي والحزبي  لم تعرفها الجماهير الليبية وفي اليمن ايضا  الولاء للقبيلة  إفرغ  العمل من محتواه  وحال دون تكريس تجربة ذات بعد نضالي حيث لم تصل  إلى مرحلة الوعي التي تكون فيها جاهزة لتقدير وترتيب الأولويات  مع تباين بسيط في اليمن  والنتيجة وعي بهدف إسقاط النظام متفاوت  بالنسبة إلى الحالتين  فعدم تقدير خطورة العنف أدى في ليبيا إلى درجة الاستقواء بالخارج  وهو ما أفرغ الحراك من قيمته كفعل طلبا للحرية  بينما أدى في الحالة اليمنية إلى ارتكاب ممارسات عديدة  لا تبشر بخير 

هناك تعميم خاطئ ومبالغ  فيه  في إطلاق تعبير الثورة على جميع الأحداث التي جرت في بعض البلدان العربية  وغالبا ما يستخدم تعبير الثورة لوصف انقلاب أو انتفاضة شعبية  تقود إلى تغيير محدود في نظام الحكم السائد بينما المعنى للثورة هو أنها مجمل الأفعال والأحداث التي تقود إلى تغييرات جذرية في الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي بشكل شامل وعميق على المدى الطويل وإذا كان هذا  ينطبق على الحالتين التونسية والمصرية  فإنه لا ينطبق على الحالتين الليبية واليمنية اللتين هما أقرب إلى الانتفاضة منهما إلى الثورة

ان التاريخ يؤكد أن كل ثورة لها قوى مضادة  فالذين يفقدون السلطة  يتراجعون  للتآمر وإن عجزوا بذلوا كل ما في وسعهم لعرقلة وتشويه المسار وهذا ما شهدته تونس حيث الفلول التي تركها النظام  تعمل مع فلول البوليس السياسي والحزب المنحل لبث الفوضى والعنف كما وهناك في الثورة قوى تدفع إلى الفوضى وعدم الاستقرار فيقوم الثوار بمواجهتهم وتعود الآلة الجهنمية للقمع من جديد  فالثوار ليسوا من يجنون ثمار الثورة  حيث يأتي بعد ذلك  الانتهازيون  وفقراء سيدي بوزيد يعودون إلى فقرهم وسكان المقابر إلى مقابرهم  في القاهرة  فلا حلول لمشكلاتهم  أما الغنيمة الكبرى فهي لمن كانوا  ينعمون ايام انظمة الاستبداد السابقة

برلسكونى زعيم ايطاليا الذى حكمها سنوات بعد الحرب العالمية الثانية فى اطول رئاسة وهو ليس متمرس فى السياسة  قال ان ما حدث فى ليبيا ليس ربيع عربي ولا ثورة شعب بل تدخل فرنسي ارادته فرنسا حتى ان طائراتها كانت تهاجم اهدافا لها فى ليبيا قبل موافقة حلف الأطلسي على ذلك وايضا كما تفعل فى الطوارق الشعب المنسى ولم تعطهم جزء من الوطن بل قسمته  بين الدول المجاورة وتقتل من يطالب بجزء من ارض وطنه المنكوب وتتشدق بالحرية والمساواة بين الشعوب وبوتين ايضا زعيم روسيا الملقب بالرجل العنيف قال هذا ايضا واعتبر ان تدخل دول الغرب هو لنهب ثروات الشعوب والسيطرة عليها

لقد ثبت أن التغيير من الداخل ممكن بدون الحاجة إلى الخارج  كما جرى فى تونس ومصر وإسقاط نظام أسهل من بناء نظام جديد وما حدث في  يشير إلى وجود بوادر نهضة عربية شاملة وإلى تفاعل كبير في الوعي العربي تبين من خلال ما حدث  وأن الانتفاضات تحولت إلى ثورات عندما استطاعت كسب الجيش الى جانبها وتبين أيضا خطأ تعميم شعارات الثورتين التونسية والمصرية على باقي  العالم العربى وادعاء دول الخليج العربي أنها غير معنية برياح التغيير وأنها حالة استثنائية في محيطها العربي غير صحيح فدول الخليج لا تعيش في فراغ ولا تستطيع الابتعاد عما يجري في محيطها  لقد طرق  أبوابها   وإن كانت التداعيات جاءت بنسب متفاوتة من بلد خليجي إلى آخر وبعض بلدان الخليج سعيدة بالربيع العربي وبعضها الآخر خائف ويعود هذا إلى نقاط قوة تتسم بها بعض الدول ونقاط ضعف تتسم بها دول أخرى والمخرج فى هذا الحال هو صياغة انسان عربي جديد له روح ديموقراطية يؤمن بالعدالة والحرية والمساواه وحق الأختلاف لكن هذه القراءة السوداوية لمستقبل الثورات العربية تستتبع بقراءة متفائلة  حيث حققت الثورات إنجازات فى إعادة بناء الإنسان العربي وإعادة بناء الأمة 
 

 

 

 


اضافة تعليق


مسجل في دفتري
نص التعليق
زائر
نص التعليق